الصحابة عند اهل السنة قسم الدعوة والدراسات الاسلامية-الجامعة الاسلامية

 الصحابة عند أهل السنة

الصحابةكلهم عدول ولا يجوز سبهم عند أهل السنة:

لقد تضافرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعديل الصحابة الكرام رضي الله عنهم، مما لا يبقى معها شك لمرتاب في تحقيق عدالتهم.

فمن الكتاب:

1- قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (سورة البقرة آية/143.)

ووجه الاستدلال بهذه الآية على عدالة الصحابة رضي الله عنهم أن وسطاً بمعنى "عدولاً خياراً"2، ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة.

2- قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ( سورة آل عمران آية/110.)

ووجه دلالة هذه الآية على عدالة الصحابة رضي الله عنهم أنها أثبتت الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها وأول من يدخل في هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

3- قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}( سورة الأنفال آية/74)

ففي هذه الآية وصف الله تعالى عموم المهاجرين والأنصار بالإيمان الحق ومن شهد الله له بهذه الشهادة فقد بلغ أعلى مرتبة العدالة.

4- قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (سورة التوبة آية/100)

ووجه دلالة هذه الآية على عدالتهم رضي الله عنهم أن الله تعالى أخبر فيها برضاه عنهم ولا يثبت الله رضاه إلا لمن كان أهلاً للرضا، ولا توجد الأهلية لذلك إلا لمن كان من أهل الاستقامة في أموره كلها عدلاً في دينه.

عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام - (2 / 807)

ومن الأحاديث:

1- ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "..ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب". (صحيح البخاري 1/31، صحيح مسلم 3/1306.)

وجه دلالة الحديث على عدالتهم رضي الله عنهم أن هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم جمع من الصحابة في حجة الوداع وهذا من أعظم الأدلة على ثبوت عدالتهم حيث طلب منهم أن يبلغوا ما سمعوه منه من لم يحضر ذلك الجمع دون أن يستثني منهم أحداً.

2- روى الشيخان في صحيحيهما من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً. ( صحيح البخاري 2/287-288، صحيح مسلم 4/1964)

3- روى البخاري بإسناده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته"( صحيح البخاري 2/288، وانظر صحيح مسلم 4/1963).

4- روى البخاري بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" ( صحيح البخاري 2/292)

وجه الاستدلال بهذا الحديث على عدالة الصحابة رضي الله عنهم "أن الوصف لهم بغير العدالة سب لا سيما وقد نهى صلى الله عليه وسلم بعض من أدركه وصحبه عن التعرض لمن تقدمه لشهود المواقف الفاضلة فيكون من بعدهم بالنسبة لجميعهم من باب أولى.

فالصحابة كلهم عدول بتعديل الله لهم وثنائه عليهم، وثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، فليسوا بحاجة إلى تعديل أحد من الخلق.

5- وعند الإمام أحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان بين خالد ابن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ـ فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ـ، فقال: "دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيدي لو أنفقتم مثل أحد ذهباً أو مثل الجبال ذهباً لما بلغتم أعمالهم". ( المسند 3/266)

ذهب جمع من أهل العلم إلى القول بتكفير من سب الصحابة رضي الله عنهم أو انتقصهم وطعن في عدالتهم وصرح ببغضهم وأن من كانت هذه صفته أباح دم نفسه وحل قتله، إلا أن يتوب من ذلك ويترحم عليهم.

وممن ذهب إلى هذا القول من السلف الصحابي الجليل عبد الرحمن بن أبزى وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وأبو بكر بن عياش وسفيان بن عيينة4 ومحمد بن يوسف الفريابي وبشر بن الحارث المروزي ومحمد بن بشار العبدي وغيرهم كثير، فهؤلاء الأئمة صرحوا بكفر من سب الصحابة وبعضهم صرح مع ذلك أنه يعاقب بالقتل، وإلى هذا القول ذهب بعض العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية.

 عقيدة أهل السنة عن الصحابة رضي الله عنهم في معركتي الجمل و صفين:

ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن في معركتي الجمل و صفين، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه فمن كان منهم مصيبا كان له أجران، ومن كان منهم مخطئا فله أجر واحد وخطؤه مغفور له. ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم لقوله تعالى فيهم (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى) [الحديد 10] وقوله تعالى (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) [الحشر 10]