Blogger news

Friday, January 27, 2012

الافتراق العقدي في نظر الاسلام


                     الافتراق العقدي في نظر الاسلام
من المعلوم قطعًا أن أصول العقيدة الإسلامية قد حُسمت، واستقرت بأدلتها الصحيحة من  الكتاب والسنة، وما فارق النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا إلا وقد بلغ البلاغ الكامل المبيِّن لكل ما تحتاجه البشرية جمعاء، قال سبحانه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وفي هذه الرسالة؛ يفصل الدكتور/ عطا الله بخيت حماد المعايطة في أمور العقيدة الإسلامية الصحيحة، وما حدث لها في بعض الأزمنة من عدول عنها من بعض الفرق، موضحًا أن هذه العقيدة هي عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، وذلك على ثلاثة أبواب:

الباب الأول: العقيدة الإسلامية من الكتاب والسنة، وكما آمن بها الصحابة رضوان الله عليهم

وفيه تحدث في الفصل الأول عن وجود الله تعالى، وذلك من ناحية الاستدلال الفطري، ومن جهة النقل، من كتاب الله تعالى، ثم تحدث في الفصل الثاني عن توحيد الربوبية والألوهية، فوضح الأهمية القصوى لتوحيد الألوهية، إذ به يدخل المرء إلى الإسلام، وله كانت دعوة الرسل والأنبياء السابقين، وعلى منهجه كانت رسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، حتى سار على نفس المنهج الصحابة والتابعين، رضوان الله عليهم أجمعين، فهي عقيدة واحدة تناقلتها الأجيال

ثم شرع الكاتب في الفصل الثالث ببيان بعض الصفات الإلهية في الكتاب والسنة، فأورد الكاتب بعض الآيات والأحاديث المثبتة للصفات الإلهية، كقوله تعالى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقوله أيضًا {إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ} [المائدة: 116]، وغيرها من الآيات المثبتة للصفات الإلهية، ثم ذكر الصفات الإلهية التي انفردت السنة المطهرة بتقريرها، كقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ((لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ؛ ثِنْتَيْنِ فِى ذَاتِ اللَّهِ ـ عز وجل ـ قَوْلُهُ {إِنِّى سَقِيمٌ}، وَقَوْلُهُ {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وَوَاحِدَةً فِى شَأْنِ سَارَةَ))، والحديث الذي أثبت فيه النبي صلى الله عليه وسلم صفة النزول، وصفة القَدَم لله، وصفة الأصابع لله، وإثبات صفة الغيرة لله، وصفة الفرح، وصفة العجب، وصفة الضحك، وغيرها من الصفات الكثير التي لم تُثبت في القرآن الكريم، وإنما ثبتت بالأحاديث الصحيحة، سواء أكانت متواترة أو آحادًا، ليختم هذا الفصل بتوضيح إيمان الصحابة في باب الصفات الإلهية، حيث بين فضلهم الذي جاءت به الآيات والأحاديث، كقول الله تبارك وتعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29]، وهم الذين قال فيهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود قوله (من كان منكم متأسيًا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قومًا اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم) [جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، (2/119)]، فمنهج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في مسائل الاعتقاد هو المنهج الصحيح والطريق القويم في معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة الصحيحة، حتى ما دار بينهم من النقاشات العقدية فلم تكن من باب الجدال العقلي العقيم، وإنما كانت تمثل نشدان الحق بالدليل الصحيح، والعمل على مقتضى السنة الموافقة للعقيدة الحقة.

وفي الفصل الرابع  أثبت المؤلف رؤية المؤمنين لربهم تعالى يوم القيامة، موضحًا أن هذا هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة في هذا الباب، مؤكدًا على ما جاء من القرآن الكريم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23]، وقوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]،وقوله تعالى {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]، وقوله تعالى عن الكافرين في موقف يوم القيامة {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، ومن سنة سيد المرسلين، كقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله الناس، فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ ((هَلْ تُمَارُونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ))، قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ ((فَهَلْ تُمَارُونَ فِى الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ))، قَالُوا: لاَ، قَالَ ((فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ))، ليتبع ذلك بأقوال الصحابة والتابعين، مثل قول عمارة بن عبيد: سمعت عليًا يقول (من تمام النعمة دخول الجنة والنظر إلى وجه الله تبارك وتعالى في جنته)، وأيضًا فعن عطاء بن السائب عن أبيه قال (صلى بنا عمار بن ياسر رضي الله عنه صلاة أوجز فيها، فلما سلم قيل له: لقد خففت يا أبا اليقظان، قال: أما إني قد دعوت فيها بدعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، قال: فتبعه رجل ـ قال عطاء: أبي الذي تبعه ولكنه كره أن يقول ـ فسأله عن الدعاء، فقال: اللهم إني أسألك بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق؛ أحيني ما علمت أن الحياة لي خيرًا، وتوفني إذا كانت لي الوفاة خيرًا، اللهم وأسألك كلمة الاحلم في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، واسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بالإيمان، واجعلنا هداة مهتدين)، ليمر سريعًا في آخر هذا الفصل على ما مر عليه من الآراء لكي يشرع بعدها في ذكر بعض شبهات أهل البدع نُفاة الرؤية، ليصل في نهاية هذا الفصل إلى خلاصة بين فيها أن الأمة الإسلامية كان في غنى تام عن كل هذه المجادلات التي طرحها المبتدعة في وسطها لو أنهم فهموا مقاصد الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين في مسائل الاعتقاد، ومنها مسألة الرؤية، التي عمدوا إلى تعقيد طرق فهمها، ودخلوا في فرضيات ومصطلحات باطلة، معرضين عن السهولة والبساطة الواضحة التي جاء بها الكتاب والسنة، والتي فهمها الصحابة وعامة الناس، وهذا المنهج هو منهج الحق الذي به انتشر هذا الدين.

وفي الفصل الخامس تكلم الكاتب عن القضاء والقدر، مبينًا معناهما في اللغة وفي الاصطلاح، وموضحًا وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، ثم فصل في بعض المسائل المتعلقة بذلك، ومراحل كتابة المقادير، ومسألة خلق الله عز وجل للأفعال، وتقسيم الإرادة إلى كونية وشرعية، مستدركًا ما قد يظنه البعض أن الإيمان بالقضاء والقدر يستلزم القول بالجبر، مؤكدًا كل ما ذكره عن طريق توضيح رأي الصحابة في تلك المسائل الاعتقادية.

ثم وضح في الفصل السادس إشكالية الإيمان والعمل، مبينًا أولًا المعنى اللغوي والاصطلاحي للإيمان، ومبينًا أنه قول وعمل عند جمهور أهل السنة والجماعة، فهو قول القلب وقول اللسان، وعمل القلب وعمل الجوارح، كما أنه يزيد وينقص، متعرضًا في آخر هذا الفصل إلى مسألة حكم الاستثناء في الإيمان؛ كأن يقول قائل: أنا مؤمن إن شاء الله.

الفصل السابع: صور من المناقشات العقدية بين الصحابة رضوان الله عليهم، مثل نقاشهم في بعض آيات القرآن الكريم، أو نقاشهم في القَدَر رضوان الله عليهم في حياته أو بعد مماته صلى الله عليه وسلم، وكناقشهم حول ما إذا كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا ـ ليلة المعراج ـ أم لا؟ فأورد الكاتب أدلة القائلين بإثبات الرؤية وأقوالهم، وكذا أدلة القائلين بنفي الرؤية البصرية، وتعرض لمن روى أنه رأى نورًا متحدثًا عن هذا الرأي، ليوضح في النهاية كيفية توفيق علماء السلف بالجمع بين كل هذه الأقوال والروايات، ثم استكمل ذكر الأمثلة في الخلاف ما بين الصحابة، كنقاشهم في عذاب الميت في قبره ببكاء أهله عليه، موردًا الأحاديث التي تبيح البكاء.

وأخيرً؛ ففي الفصل الثامن رد على الأفكار الخاطئة حول عقيدة الصحابة والتابعين، وشبهات المتكلمين في الصحابة والتابعين، مثل شبهة من قال أن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون الصفات، وشبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين كانو يفوضون معاني الصفات، وشبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين قد شغلهم الجهاد في سبيل الله عن فهم آيات الصفات ومسائل الاعتقاد، كما أبطل التعليل الباطل لسكوت الصحابة، وعدم سؤالهم عن الصفات، وأيضًا أبطل الزعم أن الصحابة والتابعين أقاموا العقيدة الإسلامة على أسس غير دقيقة، باعتمادهم على أخبار الآحاد، وأخيرًا فقد ختم هذا الفصل وهذا الباب بإبطال مزاعم المبتدعة والمستشرقين القائلين بأن عقيدة الصحابة خضعت للتطور والتناقض.

الباب الثاني: الافتراق العقدي بين المسلمين وأسبابه

وهو ما فصل فيه الكاتب الحديث عن نشأة الفرق المنحرفة بين المسلمين وأسباب ذلك، فقام في الفصل الأول بدراسة تحليلية لحديث الافتراق، عن طريق جمع الطرق الواردة فيه من الخمسة أوجه، مبينًا المعنى الإجمالي لهذا الحديث، وموقف العلماء منه، فهناك فريقٌ اعترض عليه، فمنهم من طعن في إسناده، وبعضهم اعترض على ألفاظه وقال: إن فيه زيادة لا تثبت، كقول ابن الوزير (وإياك والاغترار بـ (كلها هالكة إلا واحدة) فإنها زيادة فاسدة غير صحيحة القاعدة، ولا يؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة)، بينما أيده كُثُر، وذلك بشواهد ذكرها المؤلف في هذا الموضع، مبينًا مفهوم العدد الوارد في حديث الافتراق، وحقيقة هذا الافتراق، فهناك فرق بين الفرق الهالكة وأحكامها على مُقتضى هذا الحديث، يحدد هذا الفرق ما يتعلق بتعيين الفرق الهالكة أنفسها، وهل هذه الفرق داخلون في الأمة، أم خارجون عنها، كما ذكر مسألة حكم تكفير فرق الابتداع، والقول جزمًا بتكفير بعض الفرق، كما بين معنى الوعيد الوارد في الحديث، ليصل من خلاله إلى مفهوم الفرقة الناجية.

وفي الفصل الثاني بين المؤلف أسباب الافتراق العقدي؛ الخارجية والداخلية، ليتحدث أولًا عن بعض الملاحظات التي لابد من بيانها قبل الشروع في بيان الدور اليهودي في إحداث الافتراق العقدي بين المسلمين، فهذا الأثر اليهودي ما كان يقدر له النجاح لولا وجود الأرض الخصبة المناسبة لعمله في بلاد المسلمين، من وجود من يستمع له من عوام المسلمين، ووجود المنافقين الذين هم دومًا عونًا لليهود، وكل الملل الكافرة على أهل الإسلام المخلصين، علاوة على تضافر جهود الأثر اليهودي الهدامة مع ملل أخرى حاقدة على هذا الدين وأهله، من النصارى والمجوس وغيرهم، وكل واحد منهم كان يعمل في نطاقه الذي يتوقع فيه نجاحه، ولعل ما يميز الدور اليهودي من وسط هذه الأدوار هو التخطيط، وإحداث العقائد الضالة، ونشرها اعتمادًا على عقائد تلك البلدان التي ناصرت فرق الابتداع في فارس والعراق، وغيرها من البلدان.

وأيضًا فإن مما ينبغي الإشارة إليه قبل الحديث عن دور اليهود؛ هو وجود بعض الصحابة والتابعين الأجلاء، الذين ربما ذكروا في التاريخ وربما لم يُذكروا، كانوا على اليهودية قبل أن يسلموا، لذا فالحديث عن اليهود لا يشمل ـ بالتأكيد ـ الحديث عليهم، فلو شككنا في إسلام كل يهودي أو نصراني أو فارسي مخلص بحجة أنه كان يدين بأحد هذه الأديان لنقضنا أهم أساس من أسس هذا الدين العظيم.

ثم شرع الكاتب ـ بعد هذه اللاحظات ـ في بيان هذا الدور اليهودي في نشأة الفرق؛ فعداء اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم كان منذ زمن بعيد، فقاموا بوضع الإسرائيليات في التفسير والحديث، وبإشعال نار الفتنة، ومن أعقبها من الافتراق، وبقولهم ودورهم الواضح في محنة القول بخلق القرآن، علاوة على دورهم في الترجمة ونقل الفلسفة إلى المسلمين.

ثم تطرق الكاتب إلى أثر النصارى في نشأة الفرق الإسلامية، فقام بدراسة موجزة لطبيعة النشاط النصراني في هذه الفترة، كما ضرب لذلك نماذج من جدال النصارى للمسلمين في مسائل الاعتقاد، كما بين الأثر النصراني في نشأة بعض الفرق ومؤسسيها، موضحًا دور النصارى أيضًا في ترجمة الثقافة اليونانية الوثنية.

ثم تكلم عن أثر الفرس في نشأة الفرق، وفي مؤسسيها، وفي عقائدها، كما تعرض بالذكر إلى الثورات الفارسية، وإسهامها في نشأة الفرق، موضحًا دورهم كذلك في الترجمه وأثره في نشأة الفرق، ومن أمثال هذه الآثار الأثر الهندي في نشأة الفرق الإسلامية.

إلا أن هناك أسبابًا داخلية أدت إلى الافتراق العقدي، كأحداث الفتنة الكبرى بين المسلمين، والنزاع على الإمارة الذي كان له أكبر الأثر في الافتراق العقدي، كما أنه كان للعصبية والشعوبية أبلغ الأثر أيضًا في الافتراق العقدي، وساهم في ظهور الجدل العقدي، والميل إلى التأويل بين المسلمين في الافتراق العقدي، كما دفع إليه محاولةُ البعض مقابلة البدعة ببدعة مضادة لها، مع أن ما عليه أهل السنة والجماعة يكفي للرد على كل بدعة، وأمورًا أخرى؛ تتمثل في الغلو والتشدد، والجهل وسوء القصد عند المبتدعة، ثم ختم الكاتب الفصل برده على تفسير المعاصرين للافتراق العقدي بين المسلمين.

الباب الثالث: فرق الابتداع، وموقف علماء السلف منها

وفيه تناول المؤلف فرق الابتداع التي نشأت في الأمة الإسلامية على مر العصور، فتناول في الفصل الأول فرقة الخوارج، مبينًا أن ظهورها كان معلومًا بالنقل من حديثه صلى الله عليه وسلم، ثم تناول التطور التاريخي لظهور هذه الفرقة، مع تطور أسمائها التي اشتهرت بها، ثم أورد الكاتب أبرز فرق الخوارج ومقالاتها العقدية، ثم تحقق الكاتب من بعض الشخصيات التي نُسبت زورًا إلى الصحابة، مثل ذو الثدية، وذو الخويصرة، وحرقوص بن زهير، مبينًا أنه لا يوجد بين الخوارج صحابي واحد.

ثم تكلم عن فرقة الأزارقة وبدعهم العقدية، موضحًا مقالاتهم وانحرافاتهم العقدية، ثم تطرق إلى فرقة النجدات، وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي، ذاكرًا مقالاتهم العقدية، وأيضًا فرقة الصفرية والإباضية.

ثم ذكر الكاتب موقف علماء السلف من فرق الخوارج المختلفة، ومن فكرهم وانحرافاتهم العقدية، وبيان أنهم هم المعنيون بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي الفصل الثاني كان الحديث عن الشيعة، ونشأتهم على يد عبد الله بن سبأ، حيث وضح الكاتب مقالاتهم المنحرفة، وتاريخهم منذ وفاة علي رضي الله عنه حتى قيام حركة المختار، ثم حتى نهاية العصر الأُموي.

          ثم تطرق بالحديث عن أكثر الطوائف غلوًا في الشيعة، مثل الكيسانية والمختارية، مبينًا سبب القول بأنهم أكثر الفرق الشيعية غلوًا، وذلك من خلال عرض العقائد المنحرفة التي جاء بها المختار بن أبي عُبيد وأتباعه، كما تطرق بالحديث عن الفرق الأخرى، مثل المُغيرية والبيانية والمنصورية والجناحية والخطابية وغيرهم، ليختم هذا الفصل بموقف علماء السلف من الشيعة الغلاة، وبنص جامع بإبطال العقائد الشيعية.

ثم تناول في الفصل الثالث فرقة القدرية الأولى، ليعرض في البداية عرضًا تاريخيًا لنشوئها، وللشخصيات التي قامت على أكتافها، عبر دراسة نقدية لهذه الشخصيات القدرية الأوائل، مثل سوسنة ـ أو سنسويه النصراني ـ وعمرو المقصوص، ومعبد الجهني، لينفي الصلة بين الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه، ومعبد الجهني، أو بين محمد بن الحنفية، ومعبد الجهني، كما أنه من تلك الشخصيات التي ساعدت على تأسيس الفرقة القدرية الأولى غيلان القبطي القدري، والحارث بن سعيد الكذاب، لتجتمع الثلاثية بعد ذلك (غيلان ومعبد الجهني ويوحنا الدمشقي).

ثم حقق الكاتب في مقالة القدرية الأولى، كما أورد تصنيف شيخ الإسلام بن تيمية لهم، مبينًا جهود علماء السلف في الرد على هذه الفرقة، مبينًا أهمية الكتابة في فضحهم وفضح عقيدتهم المنحرفة، والنهي عن مجالستهم، والنهي عن عيادتهم إذا مرضوا، وشهود جنائزهم، وإجابة دعواتهم، وكذلك النهي عن الصلاة خلف القدرية، والنهي عن تزويج القدرية، أو أكل ذبائحهم، أو أخذ ميراثهم.

ثم تناول المؤلف في الفصل الرابع المرجئة، ليعرف أولًا الإرجاء في اللغة وفي الاصطلاح، مبينًا إبطال القول بأن المرجئة المبتدعة هم امتداد للصحابة الذين اعتزلوا الفتنة، كما تحدث عن غلاة المرجئة ومقالاتهم البدعية، مفرقًا بين مفهوم الإرجاء عند بعض فقهاء أهل السنة، وبين غلاة المرجئة، ثم ذكر مواقف علماء السلف من الإرجاء والمرجئة، والرد عليهم.

وفي الفصل الخامس تحدث الكاتب عن فرقة المعتزلة، والصلة بين المعتزلة والقدرية الأوائل، فتناول بالحديث نشأة المعتزلة، وسبب تسميتهم بهذا الاسم، مبطلًا مزاعم الشيعة والمستشرقين حول نسبة المعتزلة إلى الصحابة.

ثم قام الكاتب بدراسة نقدية لشخصيتي واصل بن عطاء، وعمرو بن عُبيد، فتناول أولًا شخصية عمرو بن عطاء، وطلبه للعلم، وكذا عمرو بن عُبيد بن باب، وما قيل عن زهده وورعه، مبينًا طبيعة العلاقة بين كل منهما، ثم حقق في مقالاتهم، والتي أصبحت فيما بعد أصولهم الخمسة، كما ذكر بعض الأقوال التي انفرد فيها عمرو بن عُبيد، ليختم الفصل بعد ذلك بمواقف علماء السلف من المعتزلة ورجالها الأوائل.

ثم كان الحديث في الفصل السادس عن فرقة المشبهة، مبينًا أن ذلك التشبيه قد اتصفت به غلاة الشيعة أيضًا، ومبرئًا أهل السنة والجماعة من القول بالتشبيه، حيث وضح الدكتور الرأي الذي عليه أهل السنة والجماعة في القول بالتشبيه.

وفي ختام هذا الباب، وفي الفصل السابع تكلم الكاتب عن الجهمية، فعرف أولًا بالجهم بن صفوان، ومبتدعاته في العقيدة، موضحًا تلك المصادر التي استقى منها الجهم عقيدته المنحرفة، وذلك واضح مثلًا في الأثر اليهودي في فكره، أو الأثر السمني الهندي في انحراف من البداية، وفي نهاية الحديث عنه بين الكاتب الأسباب الحقيقية لمقتل الجهم بن صفوان، ليختم هذا الفصل بيان موقف علماء السلف من عقيدة الجهم وأفكاره، موضحًا بعض أسباب تجاهل الفرق المبتدعة لآرائه.
           ثم كان ختام الكتاب محتويًا على أهم النتائج التي توصل إليها المؤلف من هذه الرسالة، والتي تكمن في العناصر التالية:-       سلامة معتقد الصحابة وشموليته لكل مسائل الاعتقاد.

-       الاعتقاد بأن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا متبعين لمنهج الكتاب والسنة في إثبات الكماليات الإلهية، ونفي النقائص عنه سبحانه.

-       المتأخرين عن الصحابة لن تبلغ أفهامهم إلى مستوى الصحابة بأي حال من الأحوال، فقد بلغ الصحابة كمال الفهم واليقين في معتقد القضاء والقدر، إذ لم يخطر على بال أحدهم القول بأي قول من أقوال أهل البدع.

-       لم يفرق الصحابة بين الإيمان والعمل، بل كانوا يعدون العمل من الإيمان.

-       المناقشات العقدية التي دارت بين الصحابة كانت على أعلى درجات الفهم والعلم، فلم تكن نوعًا من الجدل العقلي العقيم، أو انتصارًا للرأي أو حظوظ النفس.

-       ثبت بما لا يدع مجالًا للشك صحة حديث الافتراق، وتهافت دعوى الطاعنين في صحته.

-       الافتراق العقدي بين المسلمين كان له أسبابًا داخلية وأخرى خارجية، فالخارجية مثل دور اليهود والنصارى والفرس والهنود، مما أحدث الفرقة العقدية بين المسلمين عندما تضافرت مع أسباب داخلية أخرى.

-       إبطال مزاعم فرق الابتداع التي نسبت مقالاتها المنحرفة إلى الصحابة والتابعين؛ كالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة والمعتزلة.

-       ثبت من خلال التحري الدقيق أن معظم أرباب البجع كانوا بعيدون عن الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية، وأن لهم مصادر فكرية خارجية أسهمت في انحرافهم وابتداعهم.

-       بعض الكتاب المعاصرين تابعوا المستشرقين في مناصرة فرق الابتداع، وتصويب انحرافاتهم، بل والطعن الشديد في علماء أهل السنة والجماعة؛ إما حقدًا وإما حسدًا لأهل السنة والجماعة الذين يحملون العقيدة الحقة، والإسلام الصحيح.

-       أعطى هذا البحث صورة من صور العزة الإسلامية، والقوة في دين الله لجملة كبيرة من علماء السلف، يبدو فيها كمال فهمهم، واتحاد مواقفهم، وتآخيهم، ووقوفهم صفًا واحدًا في وجه كل مبتدع ضال.

محمداليسع بن عبدالرزاق                                                    
قسم الدعوة والدراسات الاسلامية                                            
الجامعة الاسلامية                                                           
كوشتيا  بنغلاديش                                                                                                                                                             
   2008-2009
01557247056-01762258804 www.sitetalk.com/siraziuk


Share this post
  • Share to Facebook
  • Share to Twitter
  • Share to Google+
  • Share to Stumble Upon
  • Share to Evernote
  • Share to Blogger
  • Share to Email
  • Share to Yahoo Messenger
  • More...

0 comments

:) :-) :)) =)) :( :-( :(( :d :-d @-) :p :o :>) (o) [-( :-? (p) :-s (m) 8-) :-t :-b b-( :-# =p~ :-$ (b) (f) x-) (k) (h) (c) cheer

 
© ISLAMIC WORLD
Designed by AL.YEASA ,ISLAMIC UNIVERSITY. EMAIL.aleasa.iuk@gmail.com
https://www.facebook.com/ALEASAIUK .
Posts RSSComments RSS
Back to top